كتبت داني كرش في "القرطاس نيوز"

بعدما لامس عتبة الـ50 ألفًا، انخفض دولار السوق السوداء اللبنانية ما يقارب الثلاثة آلاف ليرة، ليصل إلى حدود 47700 ظهر اليوم. 

ما حدث في لبنان، ليس بالأمر الجديد، بحيث اعتاد اللبنانيون على لعبة المضاربين الخاضعين لإمرة الطبقة الحاكمة في البلاد، وباتوا يُسيّرون أمورهم وفق ما يتطلبه الأمر الواقع المفروض عليهم منذ أكثر من ثلاث سنوات. 

إذ، كلما زاد حدّة جنون الدولار، يصدر حاكم المصرف المركزي رياض سلامة تعميمًا يكسر من خلاله ظهر المتلاعبين بالعملة الوطنية، أو عبر رفع الأسعار على منصة صيرفة التي أنشأها المركزي لضبط التفلّت الحاصل بأسعار الدولار.

وهنا الغرابة في الموضوع، فعلى الرغم من رفع المركزي اللبناني سعر دولار صيرفة إلى 38 ألف ليرة، بهدف زعزعة دولار السوق السوداء، وخفض السعر إلى حدود الأربعين ألفا، حلّت الكارثة وحلّق الدولار. 

وفي هذا الإطار، يلفت الخبير الاقتصادي لويس حبيقة إلى ان "الارتفاع الذي شهدناه الأسبوع الماضي يدلّ على أن المصارف اللبنانية، بمن فيهم المصرف المركزي، لم يعد يملكون دولارات كافية لتغطية حاجات السوق من العملة الأجنبية، وهو ما يؤكد أن سعر صرف الدولار خرج عن سيطرة مصرف لبنان". 

ويرى حبيقة، في حديث لـ"القرطاس نيوز"، أن "ما يحصل في السوق السوداء هو ردة فعل استباقية لما ستُحدثه مسألة اعتماد سعر صرف 15 ألف ليرة للدولار في المصارف اعتباراً من الأول من شباط المقبل، أي ما يجري هو تعويض مسبق لما سيتكبّده المضاربين بعد الأول من شباط". 

وعليه، يؤكد الخبير الاقتصادي أن "الأمور ستزداد سوءا في البلد، خلال الأشهر المقبلة، طالما أن الطبقة الحاكمة لم تتخذ قرارها بعد بانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، ولم تجد حلًّا، للصراع المحتدم على عقد جلسات لمجلس الوزراء ومشكلة الكهرباء".

ويختم حبيقة، مشددا على أنه "ما لم تُحلّ المسائل السياسية في القريب العاجل، فالانهيار سيستمر، وبشكل فظيع، لأن الطريقة التي ينتهجها مصرف لبنان، وعلى الرغم من أنها تخفّف في بعض الأحيان من سرعة الانهيار، ولكنها لن تتمكن من انتشال لبنان من الغرق الكبير داخل ثقب الدولار الأسود". 

من جهة أخرى، تكشف مصادر "القرطاس نيوز" عن "لعبة اجتماعية غير مسبوقة سيشهدها لبنان بدءا من شهر شباط المقبل، هدفها زعزعة الأوضاع الأمنية تحت عنوان الفقر"، مشيرة إلى أن "الارتفاع الذي سيشهده الدولار الأميركي في لبنان قد يصل إلى حدود الستين ألفا وما فوق ربما، بحدود شهر آذار المقبل، لنزع ما تبقى من طمأنينة لدى اللبنانيين، والضغط على المعارضة السياسية الرافضة، انتخاب أي رئيس موالٍ لإيران وحلفائها في المنطقة".

وتلفت المصادر إلى أنه "قد تشهد البلاد سلسلة من الأحداث الدموية الموجعة نتيجة المتردية التي سيُخلّفها ارتفاع سعر صرف الدولار، وذلك لأنه سيؤثر حكما على أسعار السلع الغذائية الأساسية كالخبز والطحين، وأسعار المحروقات، حيث قد تتخطى سعر صفيحة البنزين عتبة المليون ليرة لبنانية، وبالتالي توقف حركة السوق المحلية، ناهيك عن ارتفاع أسعار المولدات الخاصة خصوصا والتي ستؤدي إلى عدم تمكن اللبنانيين من تأمين المبلغ المطلوب لإنارة بيوته، وعليه انقطاعهم عن العالم الخارجي".

وتختم المصادر، مشددة على أن "الوضع في لبنان دقيق جدا، والأمور ستنفلت حكما وستسبب أضعاف المآسي السابقة، ما لم يتم اتخاذ القرار السياسي السليم بأسرع وقت ممكن لانتشال البلاد وشعبه من شبح الموت".