كتبت "نداء الوطن":



 فيما تعمل الدولة على زيادة الضرائب بشكل مباشر كما في موازنات 2017 و2018، أو بشكل غير مباشر عبر القرارين 893/2020 و455/2021 فإنها تترك "باب" التهرّب والتهريب "مفتوحاً" على مصراعيه. الأمر الذي لا يرهق الأفراد والمؤسسات فحسب، إنما يذهب بالإيرادات المجنية من تعب وجهد الأفراد والقطاعات الإنتاجية إلى المهرّبين والسارقين والفاسدين. المثال الأبرز على ذلك هو الهدر في ملف فيول كهرباء لبنان بشكل خاص والمحروقات بشكل عام، الذي جرى تمويله من إيرادات الدولة وأموال المودعين في المصارف. هذا الواقع يدفع بالخبراء إلى معارضة أي زيادة ضريبية قبل تسكير مزاريب الهدر والفساد. هذا من الناحية المنطقية.
أما إقتصادياً، فان الدول التي تعاني من انكماش اقتصادي، كما لبنان، لا تلجأ إلى رفع الضرائب إنما إلى خفضها. وذلك لكي تحفز الشركات على العمل والإنتاج والتوظيف، وتشجّعها على عدم الإلتفاف على القوانين وإيجاد الوسائل التي تسمح لها بالتهرّب من دفع الضرائب. التجارب المحلية تُظهر بشكل واضح تراجع إيرادات الدولة في كل مرة كانت ترتفع فيها الضرائب. هذه العلاقة العكسية المرتبطة بإقفال الشركات وارتفاع نسب البطالة وتقلص أعداد المكلفين، تتطلب بحسب الخبير الإقتصادي باتريك مارديني "مقاربة جديدة، تقوم على استنساخ تجربة الدول الغربية التي كانت تعاني فساداً كبيراً مثل لبنان. هناك عمدت السلطات في دول البلطيق والاتحاد السوفياتي سابقاً إلى إلغاء جميع الضرائب وفرض ضريبة موحدة flat taxes بنسب منخفضة. وقد أثبتت بالفعل هذه التجربة نجاحها في زيادة إيرادات الدولة ووقف التهرب الضريبي". أما على الصعيد الداخلي، فان تعزيز إيرادات الدولة لا يكون برفع الضرائب، إنما بالإصلاح الإداري وتفعيل الجباية ومكافحة التهرب ووقف التهريب وترشيق القطاع العام. وأي محاولة لزيادة الإيرادات بالضرائب ستصب في مصلحة المهرّبين والفاسدين وتُقفل ما تبقى من قطاعات منتجة... ولن تساهم بتعزيز مالية الدولة.