كتبت داني كرشي في "القرطاس نيوز": 
يغلي الميدان السوري اليوم على درجة عالية المستوى. إذ بعد أيام على القصف الذي استهدف مقرات للفصائل الإيرانية قرب قاعدة "التي - فور"، والذي أعقبه بيان منسوب لـ "قيادة غرفة عمليات حلفاء سوريا" توعد بـ"رد قاس" على "الاعتداء الإسرائيلي الأخير في سوريا"، أعلن مسؤولون أميركيون اليوم وقوع انفجار ليل الأربعاء الفائت، في قاعدة للقوات الأميركية جنوب سوريا. 
وتعليقا على هذه الحادثة، قال مسؤول عسكري اميركي "إن التقديرات الأولية تشتبه في قيام ميليشيات مدعومة من إيران باستهداف التنف والتحقيقات جارية". 
وقد استبق هذا الاستهداف، عملية قصف مدفعي لقوات النظام السوري على مدينة أريحا في ريف إدلب، ما أدى إلى مقتل 10 مدنيين على الأقل وإصابة أكثر من 30 بينهم أطفال. وترافق هذا العمل حملة إعلامية بإحتمال نشوب معركة قريبة في إدلب، تزامنا مع التلويح التركي بعمل عسكري شمالي سوريا يستهدف مناطق للمسلحين الأكراد.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بحيث وقع تفجير استهدف حافلة للجيش السوري في دمشق أسفر عن مصرع وإصابة عدد من الجنود.
وأمام هذا الهول من الحوادث الدموية المرعبة، هل يمكن اعتبار أن كل هذه الجرائم هي وليدة الصدفة؟ خصوصا وأنها أتت بعد يومين فقط من استئناف محادثات صياغة الدستور السوري في جنيف برعاية أممية.
في هذا السياق، يلفت أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي البروفيسور خليل حسين إلى أن "الامر مرتبط بمجموعة عناصر، بها علاقة إما بنظام السلطة أو المعارضة لها، أو من خلال أطراف يدعمون السلطة أو المعارضة". 
وفي حديث لـ"القرطاس نيوز"، يشير إلى أنه " هناك سياق عام له علاقة بتنظيم الوضع الدستوري في سوريا وإمكانية القيام بجولات جديدة على نسق محادثات فيينا أو الآستنانة". 
وبالتالي، من الطبيعي ان نشاهد ضغوطات أمنية او عسكرية على الساحة السورية لإمكانية إجبار أطراف أخرى، إما الانصياع لهذا السياق أو ترتيب أوضاعها من جديد، بحسب ما يقول حسين.
وعليه، يوضح الدكتور حسين أن " ما جرى أخيرا من تفجيرات موثوقة وضاغطة على الحالة السورية، وهناك أطراف عدة في الداخل كما قلنا، يدعمون السوريين أو الخارجيين، لهم مصلحة بتوتير الوضع أو بتفجير أو بخلق ظروف ضاغطة على الأطراف المؤثرة بالحياة السياسية السورية". 
إذا، هذا الغليان الدمويّ ليس وليد الصدفية, بحيث يقول البرفيسور حسين إن " توتير الأمن والعسكر والسياسة بأي دولة، لا يمكن أن يكون وليد الصدفة، بل العكس، كل شيء يكون مخطط ومعروف الأهداف، وتوقيت سياقها، وردة الفعل عليها، سيما وأن هذه الأحداث ليست ذات طبيعة عادية". 
ويتابع: إن هناك تفيجرات تكون نوعية، وأخرى ذات مستوى، تؤدي إلى فعل أو ردة فعل. وهو ما يؤكد أن ما حصل ليس صدفة". 

انعدام أدوات الحوار! 

وعمّا إذا كانت هذه التفجيرات مربتطة بالمفاوضات النووية والوجود الأميركي والإيراني في سوريا، يؤكد البروفيسور خليل حسين، أنه " من الطبع أن تكون مرتبطة بهذا الملف، لأنه أكثر من 70% من الازمة السورية مكوّنة من الضغوطات الخارجية، على الرغم من وجود أطراف داخلية معارضة ضاغطة على السلطة". 
ويضيف: "هذه الأطراف الخارجية الضاغطة متنوعة بين ايران وتركيا وروسيا وأميركا وحتى جزء من العراق، وهي تلعب بالداخل السوري لتحصيل مكاسب مباشرة لها أو للأطراف التي تدعمها. ولذلك لا يمكن تحييد السياقات الداخلية عن الدعم الخارجي المعروف المستوى، سيما وأنه في فترة من الفترات، كان محادثات الآستانة وفيينا فاعلة، ووصلت إلى مفاعيل معقولة".
ويرى أنه " لربما التباعد الروسي – الأميركي، والتصادم الروسي – الإيراني، والروسي – التركي، أدى لتوقف هذه المحادثات، ولم تعطِ مجالا لإعادة إحياء هذه النماذج من الحوارات". 
ويختم: "عندما تتعطل أدوات الحوار، الأطراف كافة تلجأ إلى تنفيذ التفجيرات الأمنية والعسكرية لإحداث المزيد من الضغوط على الطرف الآخر لإرضاخه لها".