كتب شربل صفير في "القرطاس نيوز" 

في مرحلة عراقية دقيقة، يتعمّق فيها الكباش السياسي في البلاد، يعود شبح تنظيم داعش ليطلّ برأسه على بلاد الرافدين، فاتحاً ثغرات جديدة في جدار الأمن الهشّ أصلاً، ومعه تتعالى الأصوات لوضع استراتيجية مواجهة أمنية وعسكرية.
فهل يمثل تنظيم "داعش" خطرا جديدا على بغداد؟ وأين يعيد تموضعه ويطلق ذئابه؟ 

إعادة تموضع في العراق؟ 

مع تأكيد الولايات المتحدة الأميركية مرارا وتكرارا أن داعش لا يزال يمثل تهديدا كبيرا، ومن الأهمية الإستمرار في الضغط على فلوله في العراق وسوريا وتعزيز الجهود الجماعية لهزيمة فروعه وشبكاته في كل أنحاء العالم، التي ركّز عليها اهتمامه بشكل متزايد منذ سقوط خلافته المزعومة، رأى مستشار المركز العربي الإفريقي للشؤون الامنية والسياسية المحامي د. مخلد حازم في اتصال مع "القرطاس نيوز" أنّه بعد الانتصار على داعش من قبل القوات الأمنية العراقية، تسرّبت عناصر من التنظيم الإرهابي وعادت إلى حاضنات كانت لها في الأساس. لكن الأعداد الموجودة حاليا في العراق هي قليلة لا يمكن مقارنتها بالأعداد الموجودة في سوريا مثلا، مضيفا أنه من الصعب حاليا إعادة تموضع داعش في العراق وبسط نفوذه وسيطرته على مناطق معينة بوجود قوات أمنية اكثر قوة مما كانت عليه سابقا وتحالف دولي أميركي موجود أصلا في ظل متغيرات الوضع في الشرق الأوسط، لذلك العمليات النوعية التي يقوم بها داعش هنا وهناك هي فردية يحاول من خلالها ان يثبّت وجوده مستغلا الترهّل الأمني والإختلاف السياسي ليقول "إنتا عدنا". 
وفي السياق، قال حازم إنّ داعش لديه أجندات ممكن أن تستغلها بعض الجهات من أجل إرباك الأمن العراقي، لافتا إلى أنّ مناطق استقرار داعش ليست في العراق بل في افغانستان حيث فُتحت كل الأبواب لإستدراج عناصره من ليبيا وسوريا والعراق، مؤكدا وجود حسابات أميركية دولية من أجل تموضعه في هذا المكان. 

أفريقيا.. موطن جديد! 

وبشكل ملحوظ ولافت، تصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية وتيرة العمليات الإرهابية لفلول تنظيم داعش وخلاياه النائمة، في أماكن مختلفة، وشكّلت هذه العمليات الإرهابية علامة إستفهام حول عقيدة التنظيم التي بدأت تظهر في القارة السمراء بسبب عناصره الفارين من العراق وسوريا وليبيا، ما ضخّم من قوته خاصة في غرب وشرق أفريقيا.
وعن هذا الشأن، تحدث حازم، شارحا أن داعش منظمة ارهابية دولية كبيرة تمتلك عقيدة قتالية إضافة إلى عقيدتها التي تدعي أنها عقيدة دينية، كما أن داعش يُأتمر من جهات لديها أجندات خارجية لهذا نلاحظ تمدده في أنحاء مختلفة من العالم. 

واضاف مستشار المركز العربي الإفريقي للشؤون الامنية والسياسية أنه في الآونة الأخيرة، لوحظ ان داعش بدأ يعيد ترتيبه في العراق أيضا من خلال القيام بعمليات نوعية استباقية على قطاعات القوات العراقية المسلحة وكذلك في بعض المناطق، مستغلا الثغرات واي خلاف سياسي في البلد للقيام بعمليات من اجل زعزعة الأمن في المناطق وخاصة في محافظات كركوك وديالى ونينوى.  
وتابع د. مخلد حازم ، قائلا: "ديالى من المحافظات المهمة في العراق وتمتاز بجغرافيتها الوعرة من البساتين التي يستغلها داعش، فالقتال اليوم مع هذا التنظيم تحول إلى اشتباك أمني لأجل الحصول على المعلومة الأمنية الإستباقية عبر المواطن الذي يسكن في هذه المناطق"، كاشفا عن فقدان الثقة بين المواطن والقطاعات الأمنية لأن أكثر من جهة عسكرية هي ماسكة للأرض في هذه المحافظات وهذا ما يشتت المعلومة الأمنية.  

داعش يستعيد طاقته! 

ولاحظ حازم في سياق حديثه، ان داعش بدأ يُموَّل بأسلحة حديثة كما بدأ يستعيد طاقته في القتال بسبب التهريب من خلال الحدود العراقية _ السورية التي تحاول القوات الأمنية العراقية السيطرة عليها.  
وهذه الحدود ممسوكة من قبل القوات التركية ومن قبل قوات سوريا الديمقراطية ومن قبل قوات أميركية، لذلك لا يمكن بحسب حازم التعاون بين قوات الأمن العراقية وهذه القوات لمنع تسلل الإرهابيين.  
واضاف أن داعش يعمل اليوم بمفرده، يدخل ويخرج من أماكن ضعيفة أمنيا واسخباراتيا، مؤكدا أنه على القوات الأمنية ان تعيد انتشارها وان تبدّل قطاعاتها وتستخدم الكاميرات الحرارية والطائرات المسيّرة في ملاحقة هذه العناصر.
وشدّد د. مخلد حازم على ضرورة التنسيق بين قيادة العمليات في المحافظات. 

كما كشف مستشار المركز العربي الإفريقي للشؤون الامنية والسياسية، عن وجود مساحة مفتوحة بين حدود إقليم كردستان وحدود كركوك يتحرك فيها داعش بحرية تامة كونها غير ممسوكة أمنيا مستغلا الخلاف السياسي  بين حكومة إقليم كردستان والقطاعات الأمنية في كركوك، مضيفا أنّ هذا ما ساعد داعش كي يتنقل بسهولة وينفّذ عملياته الإستباقية بخفّة.