كتب شربل صفير في "القرطاس نيوز": 

مع تأكيد رئيس الجمهورية العراقية، برهم صالح، تعزيز التعاون بين الجيش العراقي والبيشمركة للقضاء على الإرهابيين، وتوفير الأمن في المنطقة، لا زالت تتواصل بشكل مقلق التحذيرات والمخاوف من الخطر الذي يشكّله وجود عناصر من تنظيم "داعش" في بعض المناطق شمالي وشرقي العراق، على خلفية هجوم التنظيم على مدينة مخمور شمالي البلاد المتنازع عليها بين بغداد وأربيل الخميس الفائت. 
وفي وقت تتعالى فيه الأصوات لوضع استراتيجية مواجهة أمنية وعسكرية في بلاد الرافدين، يقول مسؤولون عسكريون غربيون إن ما لا يقل عن عشرة آلاف مقاتل من التنظيم ما زالوا في العراق وسوريا.


هل عاد شبح تنظيم داعش؟ 

وعن هذا الشأن، رأى مستشار المركز العربي الإفريقي للشؤون الامنية والسياسية المحامي الدكتور مخلد حازم في اتصال مع "القرطاس نيوز"، أنّ داعش هي عصابات ذات إرهاب دولي، لديها قواعد من المرجح ان تكون موجودة في جميع المناطق بالرغم من تمركزها اليوم في سوريا ومناطق شرق الفرات لكن من المؤكد ايضا أنها تمتلك أماكن وعناصر لا زالت موجودة داخل العراق.  
واضاف أن هذه العناصر بدّلت جلدها العسكري بجلد مدني واستطاعت أن تمتهن مهنا وحرفا تمكّنها من العيش في المناطق التي تتواجد فيها، كما اختارت أماكن لا يوجد فيها قطاعات أمنية ممسوكة أو امتهنت حرفا لا يمكن كشفها من خلال المواطنين أو من خلال القطاعات الأمنية.  
وأكد حازم أن داعش بدأ ينشط في الفترة الأخيرة ويقوم بعمليات إستباقية ونوعية ضد القطاعات الأمنية لأسباب عدة أهمها عدم وجود تنسيق ما بين قيادات العمليات في المحافظات لجهة الحصول على معلومة أمنية إستباقية، وكذلك عدم وجود تنسيق ما بين قطاعات البيشمركة والقطاعات الحكومية الإتحادية، مضيفا أن هنالك أماكن كبيرة ذات فراغ امني غير ممسوكة من القطاعات تستغلها داعش في الدخول والخروج وخصوصا مناطق ما بين حدود إربيل وما بين حدود كركوك وما بين حوض حمرين وكذلك مناطق خلف مطار الضباع.
وتابع حازم أنّ داعش دائما ما يحاول أن يستغل أي خلاف سياسي وأمني موجود في هذه المحافظات وخصوصا كركوك وإربيل وكذلك ديالى لأنها مناطق مفتوحة لا يوجد في حدودها أطواق أمنية أو أطواق نارية أو ابراج مراقبة أو كاميرات حرارية تتمكن  من رصد حركات وتحركات عناصر داعش الإرهابي لذلك هم يستغلون هذه المواقف ويدخلون إلى هذه المناطق وينفذون عملياتهم ويخرجون من دون القبض عليهم.
وفي الإطار، كشف حازم لـ "قرطاس نيوز"، أنّ هنالك تعددا لمصادر القرار في المناطق فضلا عن القطاعات الأمنية الكثيرة التي تمسك الأرض، لذلك نرى أنّ المعلومة الأمنية التي من الممكن أن تحصل عليها القطاعات للقيام بعمليات إستباقية مفقودة لعدم وجود ثقة بين المواطن وبين هذه القطاعات وهي من الاسباب التي تمنع المواطن بحسب رأيه من إعطاء معلومة أمنية استباقية حتى وان لاحظ ان هذه العناصر الإرهابية تتحرك في محيط المناطق.  
وقال حازم: "هذه الأسباب مجتمعة دفعت بعناصر داعش إلى القيام بعمليات استباقية في القطاعات الأمنية ودائما ما تكون القطاعات في موضع الدفاع وليس في موضع الهجوم"، مضيفا أن قوات البيشمركة في بغداد تتباحث مع الحكومة الإتحادية لأجل إيجاد حل لهذه المناطق والقيام بخلق وحدات مشتركة من البيشمركة والحكومة الإتحادية ومسك هذه الأرض التي تفتقر إلى القوات الأمنية فيها.  

تعاون وتنسيق مشترك 

من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر، في حديث لـ "قرطاس نيوز"  الحاجة إلى تنسيق عال بين المركز والإقليم، مشددا على أنّ  قوات البيشمركة لا تستطيع بمفردها فرض سيطرة أمنية على تلك المناطق كونها لا تمتلك السلاح الضروري لذلك وتفتقر لأبسط المعدات. فهي بحاجة برأي البيدر لدعم سواء على المستوى الإتحادي أو حتى من قبل قوات التحالف الدولي.  
وأضاف البيدر أن المتضرر الاكبر من كل هذا هو المواطن العراقي في تلك القواطع خصوصا أن هناك حساسية بسبب وجود أكثر من مكوّن.  

خطط مواجهة داعش

وكانت وزارة الدفاع العراقية قد قالت إن وفداً من قوات البيشمركة في إقليم كردستان شمالي البلاد؛ وصل إلى بغداد لبحث خطط مواجهة تنظيم داعش.


هجمات متكررة

وتجدر الإشارة، إلى أن المناطق المتنازع عليها التي تطالب أربيل بضمها إلى إقليم كردستان وتتمسك بها الحكومة الاتحادية كانت قد خضعت لسيطرة الأحزاب والقوات الكردية منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 حتى دخول الجيش العراقي إليها عام 2017، على خلفية استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق، الذي شملت به مناطق متنازع عليها. 
وتتعرض بعض هذه المناطق، وخصوصاً مخمور وخانقين وكفري، إلى هجمات متكررة من قبل عناصر داعش، أوقعت قتلى وجرحى من قوات البشمركة والمدنيين.
وتعد الفراغات الأمنية بين قوات الجيش العراقي والبيشمركة، أحد أبرز التحديات أمام جهود محاربة فلول داعش في العراق.
وتمتد الفراغات من الحدود السورية شمالاً عند محافظة نينوى مروراً بمحافظتي صلاح الدين وكركوك وصولا إلى ديالى على حدود إيران، وقد تشكلت نتيجة التوتر بين الجيش والبيشمركة عقب استفتاء الانفصال الباطل بالإقليم عام 2017.