يتنازع الحزبان الكرديان الرئيسيان، "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" على الفوز بمنصب رئاسة الجمهورية في العراق، عبر مرشّحيهما هوشيار زيباري عن الأول، وبرهم صالح، الرئيس الحالي، عن الثاني.

ويخوض الحزبان سباقاً محموماً بالعلاقة مع المكوّنات العراقية الأخرى اشتد خصوصاً بعد انتخاب زعيم تحالف "تقدم" محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان يوم الأحد الماضي، وذلك على وقع الخلافات الدائرة في الساحة الشيعية بين قوى "الإطار التنسيقي" والتيار الصدري في شأن "الكتلة الأكبر".

والمتعارف عليه في نظام العراق بعد 2003، أي ما بعد إسقاط نظام صدام حسين، في توزيع الرئاسات، أن رئيس الجمهورية كردي ورئيس الوزراء شيعي ورئيس البرلمان سنّي. فمنذ عام 2005، توالى على منصب رئاسة الجمهورية أعضاء "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة جلال الطالباني أولاً ثم فؤاد معصوم وبعده برهم صالح، وفي المقابل يحتفظ منافسه "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، بمنصب رئاسة إقليم كردستان.

لكن المنافسة باتت أقوى بين الحزبين الكرديين خلال السنة الحالية، خصوصاً أن "الديمقراطي الكردستاني" جاء في المرتبة الرابعة على صعيد تسلسل الكتل السياسية التي فازت في الانتخابات النيابية الأخيرة، وقد حصل على 33 مقعداً بينما فاز منافسه "الاتحاد الوطني" بـ17 مقعداً نيابياً.

وأعادت تلك المعركة الكردية إلى الاذهان سيناريو تشكيل السلطة بعد انتخابات 2018، والذي شهد حينها أيضاً صراعاً على منصب رئاسة الجمهورية بين مرشح "الديمقراطي" فؤاد حسين ومرشح "الاتحاد" برهم صالح الذي تمكن من الفوز أخيراً.

لا اتفاق بعد...
وتقول القيادية في "الاتحاد الوطني الكردستاني" ريزان شيخ دلير إن "الاتحاد" لا يزال متمسكاً بترشيح صالح لرئاسة الجمهورية، مؤكدة  أن "الحزبين الكرديين لم يتوصلا حتى الآن الى اتفاق موحد بشأن منصب رئاسة الجمهورية".

وتقول دلير إن "هوشيار زيباري الذي قدم نفسه كمرشح لرئاسة الجمهورية متورط بملفات فساد كثيرة وقد أقيل على اثرها، فكيف له أن يشغل منصباً مهماً فيما تحوم حوله الشكوك؟".

من جهته، أشار القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني" غياث السورجي الى "وجود مطامع سياسية لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني"، قائلاً إن "الأخير أخلّ بالاتفاق مع الاتحاد"، وأكد "أن برهم صالح مرشحنا الوحيد لرئاسة الجمهورية ولن نقبل بأي شروط تفرض علينا".

ويواجه برهم صالح، اعتراضات عدة من "الديمقراطي الكردستاني"، وفقاً للمحلل السياسي ربين سلام، ويوضح  أن "الاسباب وراء الفيتو ضد صالح تعود الى خلافات قديمة". ويؤكد في المقابل، أن "الدكتور برهم صالح يحظى بتقدير وتأييد اطراف شيعية سياسية كما أن له علاقات جيدة مع دول عدة ومنها الولايات المتحدة".

وتعليقاً على ذلك، قال عضو "الحزب الديمقراطي الكردستاني" عماد باجلان إن "المباحثات لا تزال جارية مع الاتحاد الوطني حول شخصية تحظى بالقبول من الطرفين وقد نصل الى نتيجة خلال الايام المقبلة"، مضيفاً  أن "منصب رئيس الجمهورية ليس حكراً على الاتحاد". وتابع انه "في حال اذا أصر الأخير على ترشيح برهم صالح من دون طرح اسم أي شخصية اخرى متفق عليها فسيكون خيارنا ترشيح هوشيار زيباري".
 
ويطرح هذا الكلام احتمال التوصل إلى تسوية بين الحزبين قد تنتج اسماً ثالثاً، مع أن ثمة من يقرأ في مسار الأمور منذ انتخاب الحلبوسي رئيساً للبرلمان ومواقف مقتدى الصدر لاحقاً مؤشراً إلى حلف صدري مع البارزاني والحلبوسي، ما يعني تعزيز فرص زيباري بالرئاسة.

ويأتي الصراع الكردي - الكردي على منصب رئاسة الجمهورية، في ظل الخلافات السائدة داخل البيت الشيعي حول تشكيل الكتلة الأكبر بعدما حسم البيت السنّي الجدل وأعاد ترتيب صفوفه بانتخاب الحلبوسي رئيساً للبرلمان.

وقد أعلن مجلس النواب العراقي، يوم الاثنين الماضي، فتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وسط جدل بين الحزبين الكرديين الرئيسين على اسم المرشح المخصص للمكون الكردي، بحسب العرف السياسي في العراق.

وقالت رئاسة المجلس إن فترة الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية تمتد 15 يوماً وفي اليوم الأخير تجري جلسة التصويت لاختيار المرشحين، مؤكدة أن انتخابه سيكون بأغلبية ثلثي الأعضاء إذا كان مرشحاً واحداً لتولي المنصب وأكثرية الأصوات عند وجود مرشح ثانٍ، وخلال موعد أقصاه نهاية يوم الثامن من شباط (فبراير) المقبل.