كتبت داني كرشي في "القرطاس نيوز":

ما زالت الأجواء الضبابية والمتضاربة تُخيّم على أجواء المفاوضات حول إعادة احياء البرنامج النووي في فيينا، وذلك بسبب التناقضات الحاصلة بين الزيارة الأخيرة لمنسق الاتحاد الأوروبي للمفاوضات النووية مع إيران إنريكي مورا، التي عبّرت عن سلبية المواقف، والتصريحات الصادرة عن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيف بوريل، التي أوحت بإيجابية محتملة، بعدما ألمح إلى فك الجمود النووي. 
فقد كشف بوريل من ألمانيا، خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، أن "المفاوضات كانت متوقفة وأعيد فتحها بعد زيارة مورا".
وأوضح أن "رد إيران كان إيجابيًا بدرجة كافية، بعدما نقل المنسق الأوروبي رسالة مفادها أن الأمور لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه. وأنه لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها". 
هذه التناقضات، تؤكد التحاليل الصحفية كافة بشأن عدم استعجال إيران في الوصول إلى اتفاق نهائي، خاصةً وأنها ما زالت تواصل التخصيب في مرحلة جمود حركة المفاوضات، للتمكن من تحقيق هدفها في تحوّلها إلى دولة منتجة للقنبلة النووية.
فايران تستغل اليوم انشغال الغرب، والأميركيين بالحرب الروسية على أوكرانيا، والعقوبات المفروضة على موسكو اقتصاديًا، ما سمح لها بأن تبيع نفطها عبر المسالك الملتوية وهي بالتالي ليست على عجلة من أمرها، للوصول إلى الإتفاق مع أميركا، وطرح شرط رفع العقوبات الاقتصادية عنها من جهة تصدير النفط، لأنها بذلك ستدخل في مواجهة مع حليفها الروسي. 
كما أن ايران تمتهن لعبة عامل الوقت، حيث أنها تتقن فن المناورات الدبلوماسية لأنها تدرك أن شروطها غير قابلة للتطبيق، وهو ما يعني أن لا مجال للوصول إلى نتيجة في المفاوضات ولو بعد حين. 
وعمليًا، لا حلول مطروحة اليوم، لتحقيق خرق إيجابي في المفاوضات النووية، لا من قبل ايران ولا حتى من قبل أميركا، التي ادركت أخيرًا أن ايران كما روسيا، لا يُمكن تدميرها بالعقوبات الاقتصادية، لأن نظامها توتاليتاري، وهو ما سمح لها بالصمود طوال العقود الأربعة الماضية، والتوسّع في مشروعها الجهادي في المنطقة. 
وبما أن الغرب، ما زال منشغلًا بقضية أوكرانيا والخطر القائم على حدود القارة العجوز، وبعيدًا إلى حدّ كبير عن منطقة الشرق الأوسط، فإن الخطر من ايران سيزداد أكثر على دول المنطقة التي تعيش أزمات اجتماعية وقومية ومالية واقتصادية، خاصةً إذا  تُركت طهران من دون رادع، إذ عندها تتعاظم قوتها. وإذا حصلت في مرحلة ما على القنبلة النووية ستتفلت الأمور بعد أكثر في المنطقة.