كتبت داني كرشي في "القرطاس نيوز":

بعدما قال الشعب العراقي كلمته في انتخابات 2021، حقق اللبنانيون انتصارًا ثانيًا على محور الممانعة، بعدما أطاحوا بأزلام النظام السوري وخرقوا الجنوب بدوائره الثلاث، وأسقطوا بعض الوجوه الاستفزازية الحليفة لحزب الله في لبنان.

ما حصل في كل من العراق ولبنان خلال ستة أشهر، شكّل ضربة قاسية على إيران وحلفائها والنظام السوري معهما من دون شك، إلّا أنّ هذا الأمر سيؤدي حكمًا إلى نزاعات وصراعات سياسية وجغرافية عميقة، ما لم يتم إيجاد التوازن السليم والضروري بين السياستين الإيرانية والأميركية، خصوصًا وأنّ في  هذين البلدين انقسام حاد في الآراء لجهة السير في اتجاه رؤية الدولتين المستحوذتين على نفوذ شاسع في الشرق الأوسط ومحيطه. 

ويرى مصدر استراتيجيّ أنّ " الأمور ستتفلت أكثر في منطقة الشرق الأوسط، بعدما حوصرت ايران وميليشياتها في الداخل السوري، بسبب سقوط إمكانيتها في السيطرة على دولتي لبنان والعراق". 

ويلفت، في حديثه لـ"الشفافية نيوز"، إلى أنّ "العراقيل التي تشهدها دولة العراق، وهي نفسها ستتكرر في لبنان حكمًا، لا تعني خسارة السياديين والقوى التغييرية، إنما هي انطلاقة لدحر السيطرة الإيرانية العاصمتين البغدادية والبيروتية، وبشكل كامل ولو بعد حين، حيث أنّ التغيير والتحرّر لا يحصل بين ليلة وضحاها إنما الأمر يتطلب أشهر عدّة". 

وعمّا، إذا كان غياب التوازن بين السياستين الأميركية والإيرانية في البلدين، سيؤدي إلى انفلات الأوضاع الأمنية، والدخول في حرب جديدة، يقول المصدر: إنّ إيران وحلفائها وأذرعها، يتّكلون على عدم وجود أي رغبة أميركية بشنّ حروب في كل من البلدين لمواجهة إيران، ولكن تبقى مسألة الاحتكاكات الأمنية في الشوارع قابلة للاندلاع وبقوة، خصوصا وأن حلفاء طهران، الذين لم يتقبلوا خسارتهم لنفوذهم ومناصبهم، يطمحون للوصول إلى أعلى المراتب ولو على حساب انهيار البلاد ماليًا واقتصاديًا واجتماعًيا. 

ويشير إلى أنّ " هذا الأمر تُرجم نوعا ما، عبر ضرب الصواريخ الإيرانية، على قواعد أميركية في العراق، كذلك في دمشق، إلا أنّ ما يمكن ترجمته في لبنان، هو بعض الاحتكاكات في الشارع، فضلًا عن الصراعات داخل مجلس النواب والحكومة".

ويتابع: في لبنان، الوكيل الإيراني، أي حزب الله، وعلى الرغم من أنه يمتلك آلاف الصواريخ والعساكر، إلا أنه لا يمكنه التحرّك من دون أوامر حاكمه، أي خامنئي، المُنشغل اليوم بكيفية تسيير أوضاع إيران الداخلية، وبمواكبة الحرب الروسية على أوكرانيا وما ستُنتجه من متغيّرات على صعيد المنطقة والعالم. 

ويشدد على أنّ "الأهم اليوم، ألّا تكرر السلطة السيادية التغيريّة المنبثقة عن الانتخابات النيابية ما فعلته في الماضي، من رضوخ لنظرية حكومة وفاق وطني والذهاب بعيدًا في الشعارات الديموقراطية الرنّانة، التي طبعا لن تُحقق شيئا في حال جلسوا من جديد مع من دمّروا البلاد". 

ويختم: ما سمح لمحور الممانعة بالسيطرة على العراق ولبنان، هو الرضوخ لنظرية إما الاستسلام أو الحرب، وذلك بسبب غياب أي نيّة لدى الوطنيين في توحيد صفوفهم نسبة لحساباتهم الشخصية والضيّقة. ولذلك المطلوب توحيد ورصّ الصفوف والوقوف أمام كلّ العراقيل السياسية التي ستُظهرها القوى الممانعة لتحرير العراق ولبنان من التسلّط الإيراني.