كتبت داني كرشي في "القرطاس نيوز":

اشتعلت التوترات في العاصمة الليبية طرابلس، فجر الثلاثاء الفائت، بعد محاولة حكومة  فتحي باشاغا، للمرة الثانية، دخول المدينة التي تُعد مقرًا لحكومة عبد الحميد الدبيبة، إلا أنه بعد ساعات من الاشتباكات المُسلحة، أعلن باشاغا انسحابه "حقنًا للدماء".
إذ، لم تمرّ هذه الزيارة بسهولة، حيث أنّ ما إن وصل باشاغا وحكومته، حتى بدأت الاشتباكات في أجزاء من العاصمة بين "القوة الثامنة"، وهي مجموعة مسلحة في طرابلس مؤيدة له وعدد من التشكيلات المسلحة في غرب ليبيا والعاصمة.
وتواصل إطلاق النار الكثيف في العاصمة الليبية، ودوت أصوات أعيرة نارية من أسلحة ثقيلة وأسلحة رشاشة في أنحاء العاصمة، وأُغلقت المدارس وخفت حركة المرور في ساعات الذروة التي عادة ما تكون مزدحمة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.
كما تداول رواد التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للميليشيات الموالية للدبيبة، وهي تطلق الأعيرة النارية.
وعلى إثر تلك الاشتباكات طبعا، اضطر باشاغا للخروج مرةً أخرى من العاصمة، برفقة أعضاء حكومته، خاصةً بعد تعرّض مقرّ كتيبة "النواصي" التي استقبلته وأعلنت دعمها له، إلى هجوم مسلّح من قبل المليشيات الموالية لحكومة الدبيبة، التي أجبرتها على تسليم مقارّها، ومنعها من دعم حكومة باشاغا لتسلمّ السلطة.
وتعليقا على هذه التطورات الأمنية والسياسية المُقلقة في ليبيا، أوضح المتخصص في الشؤون الليبية الصحفي عبد الستار حتيتة ما حصل الثلاثاء الماضي، حيث ان "الميلشيات التي اعترضت على وصول باشاغا للعاصمة،  قصفت مقر تواجده عبر ميلشيا النواصي في العاصمة الليبية، وهو ما دفعه للإعلان  عن أن حكومته ستبدأ عملها الأربعاء من مدينة سيرت".
وفي حديث لـ"الشفافية نيوز"، يرى حتيتة أنّ " تحرّك باشاغا، يحمل دلالات عدة، هدفها إضعاف موقف  عبد الحميد الدبيبة، لصالح تقوية مركز الأول من خلال جرأته في التوجّه إلى طرابلس لملاقاة الليبيين".
ويؤكد أن " هذه الزيارة أحدثت نوعًا من الإرباك والخلل في حكومة الدبيبة قبل أن تنتهي ولايتها  في شهر حزيران المقبل رسميًا، بسبب فعل تهجّم الميليشيات الموالية لهذه الحكومة على باشاغا وأعضاء حكومته".
ويلفت إلى أن  "ميلشيات العاصمة مختلفة في ولائها فبعضها مع حكومة الدبيبة،  والأخرى مع فتحي باشاغا،  وثالثة ليست مع الطرفين، وهو ما يبقي الحذر الشديد موجودًا في العاصمة الليبية، طرابلس، بسبب الإضطرابات السياسية المستمرة".
ويختم مشيرًا إلى أنّ " "الطرف الثالث، هو في الأساس، ضدّ الرجلين وضد الانخراط في العمل السياسي، وضد الوجود الأجنبي أيضا. وعليه، كل هذه التطورات الأمنية والسياسية التي أحدثتها زيارة  فتحي باشاغا إلى طرابلس، ستؤدي طبعًا إلى خلق نوع جديد من الاصطفاف السياسي".