خاص-القرطاس نيوز

بدأت بوادر أزمة الكهرباء تعود للواجهة من جديدة مع ارتفاع درجات الحرارة ودخول العراق فصل الصيف، ما يظهر حاجة كبيرة بدأت تزداد لمضاعفة التجهيز بالنظر للاوضاع المناخية والعواصف الترابية، فضلا عن ضغوطات نقص الغاز الايراني. 
 

ويقول وزير الكهرباء عادل كريم، في اطار الاستعدادات للفترة المقبلة، انه يعد العراقيين بـ"صيف أفضل"، مبينا ان الوزارة حاولت قدر الإمكان تهيئة نفسها لهذا الصيف .

واكد كريم في كلمة له تابعها موقعنا، ان الوزارة شبه جاهزة للصيف وأعددنا خطة فنية قصيرة من شمال العراق إلى جنوبه، مضيفا ان هذا الصيف سيكون أفضل من الصيف الماضي بسبب الإجراءات والصيانات التي قمنا بها مع المدراء العامين في الشركات. 

وبين الوزير، ان وزارته اتفقت مع وزير النفط الإيراني على دفع مستحقات طهران قبل نهاية الشهر الجاري. 


ومؤخرا شهدت بغداد وعدة محافظات ساعات قطع طويلة لساعات التجهيز بالكهرباء، في وقت أعلنت لجنة الطاقة النيابية عن متابعتها المستمرة لأسباب تردي تجهيز الطاقة الكهربائية لعموم المحافظات، مبينة أن هناك "مشكلة في انخفاض كمية الغاز الايراني المجهز للمنظومة الكهربائية بسبب وجود صيانة من قبل الجانب الايراني على خطوط نقل الغاز منذ يوم الاربعاء الى منتصف يوم الجمعة".
 
واستعادت المنظومة الكهربائية "وضعها الطبيعي حالياً بعد إعادة ضخ الغاز الايراني"، وفقا للجنة النيابية.
 
وطالبت اللجنة مجلس الوزراء وعن طريق رئاسة المجلس بـ"إيجاد طريقة مناسبة لدفع مستحقات استيراد الغاز الايراني لضمان تدفق الغاز في الصيف المقبل".

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، ان واقع الكهرباء جاء الورقة البيضاء الاقتصادية التي طرحتها الحكومة، بان يتم تطبيق عملية حسابية اقتصادية لقيمة الكهرباء بما يتوافق مع سعر الوقود الحقيقي في السوق العالمي وتحصيل الإيرادات لجميع استخدامات الكهرباء بشكل مبني على هذا السعر ، كما من المفترض ان يتم وضع آلية للتعامل مع المتجاوزين في المناطق التي لا توجد فيها شبكات كهربائية تتضمن استيفاء مبلغ مقطوع .

واضاف المرسومي، في حديث لموقعنا ان الورقة تضمنت تشكيل فريق مختص من وزارة الكهرباء يعمل على متابعة مشتركي الصنف الصناعي لنصب عدادات ذكية لهم،لافتا الى انه يتم ايضا اعتماد استخدام عدادات ذكية متطورة تعمل على كافة خيارات الدفع ، واعتبار عدد من الوحدات مجانا للعوائل المشمولة بنظام الحماية الاجتماعية ، واعفاء الديون السابقة عن نصب العدادات بسقف معين ، ومنح رخص استثمارية لشركات الجباية في المناطق غير المغطاة ، ومنح فرصة للشركات المتعاقدة لتطوير عملها. 

كما دعت الورقة البيضاء وفقا للمرسومي، لتخفيض أجور الكهرباء بنسبة محددة للمشترك الملتزم بالجباية ضمن سقف استهلاك معين. 

وتتضاءل هوامش تحرك العراق في تأمين إمدادات الكهرباء بشكل مستدام من المحطات المنتشرة في البلاد بسبب تأخر إقرار موازنة هذا العام التي يفترض أنها رصدت مخصصات القطاع لضمان استمرار نشاطه دون عراقيل.

وتحاول السلطات استباق الضغوط الشعبية التي تتعرض لها كل عام قبل ذروة الصيف حيث درجات الحرارة المرتفعة من أجل تجنب الانقطاعات المتكررة على الشبكة حيث يكون الطلب في أعلى مستوياته.

وتعد أزمة الكهرباء بالبلد النفطي من الأزمات المزمنة التي تطل في كل صيف بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض ساعات التجهيز من خلال شبكة الكهرباء.

بالمقابل يرى الخبير الاقتصادي، بلال الخليفة، انه في هذه الأيام يعاني المواطن العراقي من شحة كبيرة جدا في ساعات التجهيز بالطاقة الكهربائية قد تصل لأربع ساعات يوميا، والسبب حسب ما صرحت به وزارة الكهرباء هو انخفاض في كمية الغاز المستورد من إيران، والذي اخرج ست الاف ميكاواط من الشبكة، مبينا ان مناقشة هذا الامر تتم بأمرين من اتجاهين. 

واضاف ان الطريق الأول هو كمية الإنتاج حيث تقول وزارة الكهرباء ان الإنتاج هو أكثر من 20 ألف ميكا واط، مشيرا الى ان الخط الغاز الإيراني تسبب بخروج 6 الاف ميكاواط ويعني ان المتبقي هو 14 ألف ميكاواط، كما ان الاحتياج الفعلي لنفرض 30 ألف ميكاواط وبالتالي ان ساعات تجهيز المواطن يجب ان تكون في اقل التقديرات ساعتين تجهيز بساعتين إطفاء أي مجموع التجهيز هو 12 ساعة يوميا.

واستدرك الخليفة، قوله "لكن نلاحظ ان التجهيز هو أربع ساعات، فاذا تم حسابها بالنسبة والتناسب فيكون الناتج ان ما يتم توصيلة للمواطن هو 5 الاف ميكاواط فقط"، مؤكدا انه نتيجة لذلك نكون امام احتمالين لا ثالث لهم، الاول هو  ان الكهرباء من توليد او نقل تعاني من مشاكل كبيرة أدت الى نقص كبير بالتجهيز وان وزارة الكهرباء تحججت بالخط الإيراني، والثاني ان تقليل تجهيز الكهرباء، هو امر سياسي تكون من وراءه غايات أخرى او تمرير قرارات مصيرية.

واكد الخبير ان الكثير لا يعلم ان الغاز العراقي حتى لو تم استغلاله بالكامل فانه لا يسد احتياج العراق في توليد كامل الطاقة الكهربائية،  كما ان استيراد الغاز او الكهرباء لا يتم الا برخصة من أمريكا وبالتالي ان القرار هو بيد الامريكان وعادة ما تتأخر رخصة الاستيراد بعد نفادها عدة أيام تستغل إعلاميا ضد إيران.

واوضح انه ليس من مصلحة إيران ان لا تصدر غاز للعراق لأنها تعاني من حصار شديد منذ أكثر من أربعين عاما فرضة الامريكان وبالتالي ان تصدير الطاقة للعراق هو منفذ مهم لها ومن غير الممكن ان تفرط فيه، وبالتالي هي مهتمة بالتصدير لا إيقاف التصدير، مؤكدا ان العراق لم يدفع ما بذمته من ديون نتيجة استيراده للغاز وبلغت عدة مليارات وبالتالي ان إيران من حقها ان تطالب بمستحقاتها المالية وان العراق ملزم بدفع ما علية من ديون خصوصا وإننا نسمع بزيادة حيازة العراق للسندات المالية والذي بلغ أكثر من 21 مليار دولار .

ولفت الى انه كان الاجدر بالعراق ان يدفع ما عليه من ديون في مسالة مهمة تخص حياة المواطن الاعتيادية وهي الطاقة الكهربائية، مشيرا لضرورة دفع العراق الأموال المسجلة كديون لإيران الذي لا يتم الا بإجازة وموافقة الولايات المتحدة الامريكية وبالتالي ان التأخير اما ان تتحمله الحكومة او يتحمله الامريكان.


يشار الى ان وزارة الكهرباء كانت تعوّل على قانون الدعم الطارئ بجزئيات كبيرة لدعم الكهرباء في توفير مستحقات الغاز الواجبة الدفع للجانب الإيراني عن قيمة الغاز المورد لسنة 2020، بسبب عدم إمرار وإقرار قانون الموازنة العامة لعام 2022 لسدادها.


وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن قطاع الكهرباء العراقي يفقد ما بين 40 و50 في المئة من قدرته بسبب تهالك الشبكة، وهذا هو الفرق بين ما يتم إنتاجه وما يتم تسليمه للمستهلكين.

وتحدث هذه الخسارة لأسباب فنية في أغلب الأحيان وعلى سبيل المثال، معدات نقل الكهرباء التالفة أو ضعيفة الأداء أو التي عفا عليها الزمن، وكذلك لأسباب غير فنية مثل السرقة أو تعرضها للتخريب.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ الغزو الأميركي للبلد في 2003 وحتى الآن من إيجاد حل لها على الرغم من المبالغ الطائلة التي تم صرفها في قطاع الكهرباء.

وتحولت مشكلات القطاع إلى أزمة متفاقمة ومستمرة بعد أن أوشكت بغداد في فترة ما على فقدان السيطرة على شبكاتها المحلية لتوفير الخدمات الضرورية لمواطنيها.

وعمل القطاع لسنوات وفق الصفقات السرية والاحتكار والمعاملات الخارجة عن القانون في الإنتاج والتوزيع أو عبر دعم السوق الموازية، في ظل تدهور البنية التحتية واتساع البيروقراطية والفساد.