كتب  حسنين الساعدي:

  ابدأ مقالي هذا بسؤال هو هل ان حل الانسداد السياسي الحالي والخروج من الازمة الخانقة بحسم اختيار اسم شخصية رئيس الوزراء ام ان المعضلة أوسع واكثر تشعب ؟

أرى أن المأزق السياسي أعمق من مسألة حسم اسم رئيس الوزراء حيث أن الإطار التنسيقي بدأ خطوات بنائه السياسي القادم ربما بطريقة خاطئة او بالمقلوب او وضع ( المثلث بالمقلوب الراس للاسفل والقاعدة للأعلى ) وبالتالي قد يسقط هذا التصميم غير الصحيح والبناء الهش سريعا قبل اعلانه وتنهار خطوات تشكيل الحكومة قبد بدأها وسيسألني المتابع كيف هذا ؟! 

الجواب ان العمل الصحيح الذي يجب ان يقوم به الإطار التنسيقي المتصدي لتشكيل الحكومة العراقية هو ملاحظة كم كتلة سياسية ومن هي الكتل السياسية التي يجب أن يتحالف معها لتشكيل حكومته ؟ وهذا الشيء يتطلب وجود امرين :
الأول/ 
دستورياً وقانونياً كان يجب ان يتوخى قادة الاطار الدقة بعدد واسماء الكتل التي وافقت فعليا للتحالف معه لكي يعرف انه جمع عدد الثلثين من نواب البرلمان لاكمال المتطلبات الدستورية والقانونية وهذا الامر لم يصل الإطار اليه لليوم فلا يوجد تصريح رسمي معتمد يوضح من هي الكتل التي وافقت رسميا للتحالف مع الإطار ليعرف الجميع حجمهم البرلماني الحقيقي وامكانية من جمع الثلثين من البرلمان تحت مظلتهم.  
الثاني / 
سياسياً واعلامياً ان الإطار لليوم لم يحسم تحالفه مع اهم الفائزين من المكونات العراقية الشريكة واهم الشركاء هم السيادة وحزب البارتي لكون تحالف السيادة الان يمثل المكون السياسي السني رسمياً وبرلمانياً حين فاز بأغلبيةمقاعد المكون بالبرلمان اما حزب البارتي الكردستاني فهو الممثل الأساسي الاكبر والثقل السياسي للمكون الكردي في اي عملية سياسية لان الدستور العراقي نص على تشريع النظام البرلماني كنظام الحكم بالعراق الفدرالي وثبت اقليم كردستان كجزء اساسي من هذا النظام وكل الناس والمراقبين السياسيين يشاهدون ان حزب البارتي الديمقراطي بما يمتلكه من إرث نظالي وتاريخ سياسي في المجتمع الكردي وحضوره البرلماني الكبير الحالي فهو اذا حجر الزاوية في اي حكومة تتشكل ولا يمكن لأي حزب او كتلة تتصدى لتشكيل حكومة ان تتجاوزه الحوار معه وطلبه للتحالف وهذا الواقع ( بعيداً عن البالونات الاعلامية لبعض الاعلاميين والسياسيين الاطاريين المتخاصمين مع هذا الحزب او المعارضين لسياسته ) 
 لذلك للان لم نجد اي طاولة مفاوضات حقيقية واضع خطين تحت كلمة مفاوضات حقيقية  بين قادة الإطار وتحالف السيادة وحزب البارتي ولا حتى جلسة تفاوض حقيقية للاطار مع المستقلين الذين تحالفوا معه وساندوه عندما شكل ثلث معطل عرقل تشكيل حكومة الأغلبية برئاسة صدرية 

للذلك لغاية هذا الوقت فأن قادة الاطار لا يعرفون الرقم الحقيقي لعدد النواب والكتل التي ستتحالفهم معهم وكذلك لم يتم مناقشة شروط هذه الكتل وممثلي المكونات المجتمعية الشريكة بالوطن لكي يوافقوا رسمياً للدخول بتحالف مع الإطار لتشكيل حكومته.
فما فائدة توافق الإطار على اسم مرشح رئيس الوزراء اذا لم ينجح بتحقيق اسس وتقوية لبنات تحالفه ولم يضمن دخول الفرقاء السياسيين ضمن خيمته وتحالفه.
هذا الامر الاستراتيجي الذي غاب عن قادة الاطار ومستشاريهم كان ممكن تعلمه واستنساخه من خطوات السيد الصدر فبعد معرفته لنتائج الانتخابات تحرك رسمياً وجعل هيئته السياسية تحسم تحالفهم الرسمي مع السيادة والبارتي ليشكلوا التحالف الثلاثي الاكبر والذي استطاعوا تقويته بجذب كتلتي امتداد والجيل الجديد وبعد إتمام الخطوط الأساسية الدقيقة لتشكيل تحالفهم ثم بعد ذلك خرجوا بمؤتمر صحفي علني أمام الاعلام واعلنوا بأن مرشحهم لرئاسة الجمهورية هو السيد ريبر احمد ومرشحهم لرئاسة الوزراء هم السيد محمد جعفر الصدر .
الامر الآخر المهم بعد انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان وتصدر قوى الإطار فأن واحدة من اهم المطبات الصعبة التي تواجه مسير الإطار في طموحه انه أعلن عن رغبته بتشكيل حكومة توافقية تضم جميع الكتل السياسية الممثلة بالبرلمان العراقي واطلق عليها اسم  ( حكومة الخدمة الوطنية ) وهذا  سيجعل من تحالف الإطار جهة منفذة لأرضاء كل شروط الكتل السياسية الكثيرة المتباينة الرؤى والايدلوجيات والمتنوعة  المطالب والرضوخ لحالة توزيع الحصص او ما نطلق عليه ( الكعكة ) اي ستكون حكومة مغنمية محاصصاتية كل طرف يسعى لقضم اكبر جزء من الكعكة لصالح حزبه وستكون الطلبات التي تفوق طاقة الحكومة مع استمرار مشاكل مفاوضات حزب اليكتي والبارتي الكردستانيين وخصوصا مسألة حسم منح منصب رئاسة الجمهورية لأي الحزبين فأن رئيس حكومته القادم ان كان السيد محمد شياع السوداني او العبادي او شخصية من الخط الاول لاي حزب في الاطار فعليه  ان يصطدم بخطوة تلبية طلبات االلاعب الإقليمي المتمثل بأيران وارضائها حيث تعتبر نفسها هي الداعم الرئيسي لقوى الاطار شاهدنا الشخصيات السياسية الإيرانية تتدخل بشكل مباشر بالحوارات السياسية العراقية لصالح دعم موقف الاطار وهذا التدخل الخارجي له ثمن سياسي واقتصادي يجب أن يحمله الرئيس الاطاري القادم كالقلادة في عنقه ليدفع ثمنه متى ما طلبته منه الجارة.  

وجهة نظري الشخصية وحسب ما ذكرته من معطيات اعلاه فحكومة الإطار ان تجاوزت كل هذه العقبات وتشكلت ستولد ميتة سريريا او ستقضي أيامها في غرفة الإنعاش ان كانت برئاسة المالكي او السوداني او العبادي او اي اسم اخر  وعمرها لن يطول ايام او اشهر معدودات وسيكون صيف الإطار ساخن جدا امام التحديات السياسية والجماهير العراقية المنتظرة بفارغ الصبر للخدمات وتحسين الاحوال الاقتصادية والاجتماعية لهم.
فهل سيستمر الإطار في هذا المسعى الصعب المتعثر ام يرفع المنديل ويقبل بما طرحه بعض قادة الاطار والناشطين السياسيين بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة وتجديد استمرار الكاظمي بحكومة انتقالية لمدة سنة أو سنتين اخريتين ؟!
ننتظر ونترقب فهذا شهر تموز الشهر المشهور عراقياً بكثرة سقوط الحكومات السابقة والايام حبلى.