كتب الصحفي علي رياح :

                      
وسط هذا الإرباك الذي يتقلـّب على ناره المشهد الكروي في العراق، تنتابني حيرة، واتساءل عن حقيقة ما نريد بالمقارنة مع ما نعلن!
نطرح وجهات نظر صارمة وجازمة وقاطعة من خلال نوافذ البرامج الرياضية المتخصصة، فيما نتبنى النقيض الكامل لها ونتمسك بمواقف مختلفة في مجالسنا الخاصة حين تكون آمنة ولا تصل إليها أسماع الغرباء والمتطفلين!
لفتت انتباهي خلال الأسبوع الماضي موجة عارمة في البرامج تتحدث عن أهمية المدرب المحلي، وضرورة تسليمه زمام المنتخب الأول، وحتمية منحه الفرصة الكاملة للعمل بدلاً من استقدام مدرب أجنبي حرص اتحاد الكرة (على الأقل رئيسه عدنان درجال) على التمسك به حتى لو تدنـّى سقف الكلفة المالية من ثمانية ملايين دولار إلى مليونين!
                          *     *     *
بعض الضيوف في هذه البرامج اتفقوا على المنهج والأسلوب وهو الدفاع عن المدرب المحلي وتسليمه قيادته للمنتخب، وكأنهم بذلك يستهدفون مزايا أو عيوب (الأجنبي) حتى قبل معرفة هويته، وجنسيته، وسيرته الكروية!
اشترك في (مرافعات) الدفاع هذه إداريون مسؤولون في الأندية العراقية ومدربون معروفون وآخرون مغمورون، وانضمّ إليهم قطاع من الراغبين في أداء دور مستقبلي مع اتحاد الكرة، مهما تكن طبيعة ما ينتظرهم!
                             *    *    *
بعد كل الذي رأيت، وما زلت أرى، صار في يقيني أن كثيرا من هؤلاء لا يريدون سوى استرضاء الوسط (الإداري) الكروي حتى لو تم ذلك على حساب خسارة قطاع واسع من الوسط الجماهيري الكروي الذي مازال يتطلع إلى مدرب كبير ومهم من خارج الحدود يقود المنتخب.. كأنهم بهذا يمهدون لشيء ما.. انتخابات مقبلة.. استرضاء ابن البلد على حساب الغريب في مهنة لا تحتمل المجاملة.. استعطاف واستدرار مشاعر مدربين محليين ينتظرون الفرصة، بعضهم يجد نفسه الأحقّ بها وقد كان يشعر بالظلم خلال السنوات الماضية!
هل أصف الأمر على أنه نهج توفيقي، أم أنه لون من النفاق المجتمعي الكروي، أم أنه يجسد الحقيقة فعلا؟ الاحتمال الأخير لا أراه قائما على الأقل بالنسبة للكثير من الشخصيات الكروية والرياضية التي أعرفها حق المعرفة والتي تنطق في المجالس الخاصة التي تجمعني بها على غير ما تعلنه عبر الشاشات!
                                *     *     *
بقدر تعلق الأمر بي، أعلنها صريحة من دون مواربة: أكنّ الحب والتقدير لكثير من أصدقائي الأعزاء المدربين المحليين، لكنني مع تولي مدرب أجنبي كفء تدريب منتخب العراق بشرط وضوح التعاقد، وأن يعمل على مدى سنتين على الأقل في ظروف صحية وصحيحة من دون أي لون من التدخلات الإدارية التي يأتي بعضها في لحظة غضب قد اورثتنا كل هذه الكوارث!
الأجنبي في رأيي، ووفقا كل هذه الأسس، أكثر قدرة، كما أنه أكثر إنصافا للمواهب في الداخل والخارج، على الأقل لأنه لا يحمل معه إلى مشواره التدريبي مواقف مسبقة ، ولا أقول أحقادا متوارثة يستهلّ بها المشوار منذ يومه الأول!