كتب الصحافي علي رياح فـي صـحـيـفة (الـصــبـاح):
هل يجب أن تتـّـسم شخصية المدرب بالوداعة واللطافة والمهادنة إلى الحد الذي يستجيب فيه إلى قليل أو كثير من طلبات الجماهير، وإلى المستوى الذي يتواضع فيه المدرب للاعبيه ويُحيطهم بكل صنوف الدلال، كي يقال عندها إنه مدرب ناجح ينسج علاقة إيجابية مع فريقه ويعرف تدابير العمل؟! 
في وضع كروي كالذي نعيشه حيث تختلط المفاهيم وتتلاشى الثوابت الذي يعمل عليها العالم الكروي المتطور من حولنا، لم يعد هذا السؤال مُبرَّرا أو متاحا وربما يجده البعض غير منطقي ولا يصحّ أن يُطرح؟!
                             *      *     *
كنت أقف إلى جوار الراحل عمو بابا حين كان يقود وحدة تدريبية لفريق الزوراء في النصف الثاني من العقد التسعيني.. كانت هتافات المشجعين تأتي من المدرجات لتداعب سمع شيخ المدربين أو ربما لتخدش أذنه.. كانت بمجملها طلبات تتعلق بإشراك لاعب محدد في التشكيلة الأساسية واستبعاد لاعب آخر عنها!
الجمهور كان يخطط وينفذ ثم يرسل بإشاراته أو برقياته الصريحة إلى المدرب طوال الوحدة التدريبية.. كان عمو من جانبه يُرسل إليَّ ابتسامة تخفي وراءها غيظا أو غليانا يحاول كتمانه!
وبعد صبر طويل استدار عمو بابا إلى جهة المدرجات وردّ على المطالبات الجماهيرية بجملة واحدة: (نحن هنا في فريق محترم له أصوله وأركانه ولسنا في برنامج طلبات المستمعين)!
كان ردا بليغا مُفحـِما، لم يعد بعض المشجعين بعده إلى اسطوانة طلباتهم، بل سلّموا أمرهم إلى المدرب الذي كان أدرى بإمكانيات اللاعبين، وبمتطلباتهم، وبمشاكلهم، وبحرص بعضهم على افتعال المشكلات من منطلق توليف مراكز قوى للضغط على المدرب!
                         *      *     *
وفي نظري أن ما حدث للفرق العراقية في السنوات الأخيرة ناجم تماما عن غياب الثبات الشخصي للمدرب في مواجهة قطاع واسع من الجماهير وأقطابها المؤثرة عبر المدرجات وفي الكواليس وقبلها على صفحات التواصل الاجتماعي التي تصيغ في العادة رأيا قويا جارفا سواءً كان هذا الرأي مناصرا للمدرب أو معارضا له يسعى لإطاحته!
بعض تصرفات اللاعبين تدفع بهذا الاتجاه أيضا.. بعضها تصرفات يندى له الجبين ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عنها حتى لا نخدش تماما تلك الصورة المعهودة للاعب المطيع المضحي المنتج، وهي صورة اللاعب العراقي في الأمس.. إلا ما ندر!
                            *      *     *
على هذا الصعيد، بات اللاعب العراقي النجم صعب الفهم لدينا ولدى الإداريين ولدى أي مدرب.. نراه دائم التشكي وطلباته لا تنتهي، وفي خاتمة المطاف لا يجد المدرب لقراره كبحَ جماح اللاعب ظهيرا أو نصيرا، فيمتثل مرغما لرغبات اللاعبين!
وإذا كان بعض المدربين يبدون قدرا من الشدة كما هو ظاهر في كل مكان يحلّون به، فإنهم غير قادرين مع مرور الوقت على المواجهة وحدهم بل علينا أن نعينهم قبل أن نطالبهم بإصلاح أوضاع فنية أو بدنية أو خططية أخرى تتصل بأداء الفريق!