خاص _ القرطاس نيوز

أثارت قضية ضياع وسرقة مبلغ 3.7 تريليونات دينار عراقي من حساب أمانات الهيئة العامة للضرائب، جدلاً واسعاً على المستويين السياسي والشعبي في العراق، إذ طغت على أبرز ملف انتظره العراقيون طويلاً والذي تمثل بحسم ملف رئاسة الجمهورية وتكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة.
وكشف وزير المالية وكالة إحسان عبدالجبار، عقب تقديمه استقالته إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، وموافقة الأخير عليها، عن سرقات بالمليارات في وزارة المالية التي يديرها منذ أشهر.
وقال عبدالجبار، في تغريدة عبر تويتر، إن "رئيس الوزراء وافق مشكوراً على طلبنا بخصوص الإعفاء من مهام إدارة وزارة المالية بالوكالة ".
وأضاف، أن "نتائج التحقيق الذي وجهنا به بعد تكليفنا بالوزارة، والاثباتات الرسمية الخاصة بسرقة ما مقداره 3.7 تريليون دينار عراقي (2.5 مليار دولار) من اموال الضريبة/مصرف الرافدين من قبل مجموعة محددة، تم تسليمها من وزارة المالية إلى الجهات المختصة، ومنها اللجنة المالية البرلمانية التي طالبتنا بذلك رسميا وإعلاميا ".
وتابع: "لم نخضع لأي ضغط ومساومة لمنعنا عن اداء دورنا في حماية المال العام ".
وتزامنت هذه القضية، مع حسم ملف رئاسة الجمهورية بعد انتخاب عبد اللطيف رشيد، رئيساً لجمورية العراق في الثالث عشر من تشرين الأول الحالي، وتكليف محمد شياع السوداني، لتشكيل الحكومة الجديدة، حيث طغت على الملف الذي طال انتظاره من قبل الشعب العراقي لتبدأ مرحلة جديدة.

توجيه حكومي بالتحقيق

وبعد ساعات مما كشفه عبد الجبار، وتسليط وسائل الإعلام الضوء على القضية، وجه رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بفتح تحقيق بشأن وجود مخالفات في عملية صرف الامانات الضريبية في وزارة المالية.
واطلع موقعنا، على وثيقة صادرة من مكتب رئيس الوزراء، موجهة إلى هيئة النزاهة، جاء فيها، أن "رئيس مجلس الوزراء، وجه بإجراء التحقيق بالمعلومات والتصريحات المتضمنة وجود مخالفات في عملية صرف الأمانات الضريبية والكمركية في وزارة المالية / الهيئة العامة للضرائب".
وطالب المكتب، هيئة النزاهة، بـ"إعلامه بنتائج التحقيقات بالسرعة الممكنة".
فيما خاطبت وزارة المالية، هيئة النزاهة للتحقيق بسرقة مبلغ 3.7 تريليون دينار عراقي من حساب امانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين والآليات المستخدمة والجهات المسؤولة عن هذه الجريمة.

تفاصيل جديدة يكشفها الكاظمي

وكشف رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، اليوم الأحد، تفاصيل جديدة بشأن قضية الأموال المسروقة من أمانات الضرائب.
وقال الكاظمي في بيان، إن "قضية الأموال المسحوبة من هيئة الضرائب في وزارة المالية تدعو إلى الوقوف عند المناخات التي ساعدت في استشراء الفساد في مفاصل تلك الهيئة، وشاركت في توفير غطاء التجاوز على المال العام، وهي تتجاوز عمر هذه الحكومة".
واضاف ان "حكومتي سبق أن اكتشفت هذا الخرق بناءً على معطياتٍ ومؤشرات تدل عليه؛ فسارعت إلى فتح تحقيقات، والمضي قدماً بالإجراءات القانونية اللازمة، وبالتعاون مع القضاء"، لافتاً الى انه "تم تسليم جميع الأدلة والوثائق للقضاء منذ أشهر والذي يمضي بدوره بمهنية عالية وهدوء بعيداً عن لغة الابتزاز والخطاب المضلل".
وأوضح الكاظمي ان "القضاء أسرع بإصدار أوامر إيقاف صرف المبالغ، وإصدار مذكرات قبض بحق المشتبه بهم"، موضحاً ان "إجراءات الحكومة أدت إلى منع استنزاف أموال أخرى من الهيئة ومن أماكن ثانية".
واستدرك بالقول: "وعليه، وبعد أن مضينا في المسار القانوني بشكل رسمي وبشفافية كاملة لإظهار الحقيقة، فإننا نؤكد أن هذه الحكومة مضت بالإجراءات القانونية المعمول بها من قِبل الجهات المعنية في هيئة النزاهة والقضاء المختص، وقدمت كل الوثائق والأدلة والقرائن التي تساهم في كشف الحقيقة، ومعرفة المتعدين على المال العام، بمنهج يحترم فيه سياقات الدولة ومؤسساتها، ويحترم القضاء وأجهزته التي نعوّل عليها لمعرفة كل تفصيل ومحاسبة كل متهم".
وختم رئيس حكومة تصريف الأعمال: "هذه الحكومة التي عملت على محاسبة الفاسدين وملاحقتهم، ملتزمة بكل واجباتها في كشف الحقيقة ومتابعتها؛ حتى يعرف شعبنا كل من يستغل حقوقه لأجل مصالحه الخاصة".

رئيس الوزراء المكلف يتوعد

توعد رئيس الوزراء المكلف، محمد شياع السوداني، باتخاذ إجراءات حقيقية لكبح جماح الفساد.
وقال السوادني، عبر "تويتر": "لنْ نتوانى أبدًا في اتخاذ إجراءات حقيقية لكبح جماح الفساد الذي استشرى بكلِّ وقاحة في مفاصل الدولة ومؤسساتها".
وأضاف: "وضعنا هذا الملفَّ في أول أولويات برنامجنا"، مشددا بالقول: "لنْ نسمحَ بأن تُستباحَ أموال العراقيين، كما حصل مع أموال أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين".

رئاسة البرلمان تدخل على الخط

دخلت رئاسة مجلس النواب، على خط القضية بعد إثارتها الجدل، إذ شدد النائب الأول لرئيس المجلس، محسن المندلاوي، على أن البرلمان سيكون له موقف حازم من سرقة الضرائب. 
وقال المندلاوي، عبر "تويتر"، إن "ماحصل من "نهب " لأموال الهيئة العامة للضرائب ، وسحب مبلغ ( 2.5) مليار دولار من مصرف الرافدين ، لن يمر بسهولة ، وهناك حساب قادم لجميع المتورطين في العملية التي يراد منها هدم الدولة وتدمير اقتصادها ونشر الفوضى".
وأكد أن "مجلس النواب سيكون له موقف صارم في الايام المقبلة".

اجتماع نيابي طارئ

طالب برلمانيون، اليوم الأحد، بعقد جلسة برلمانية طارئة لبحث سرقة 3.7 تريليون دينار.
وقال النائب عن كتلة الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، في بيان: "نطالب السلطة القضائية بإصدار قرار بمنع سفر رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ووزراء المالية السابقين ومسؤولين في وزارة المالية على خلفية سرقة 3,7 تريليون دينار".
وأضاف، أن "الكتاب الصادر من وزارة المالية يؤكد سرقة 3,7 تريليون دينار عراقي من حساب أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين، وهذا يتطلب الوقوف على هذه القضية والكشف عن الجهات التي تقف وراء سرقة هذا المبلغ امام وسائل الإعلام والشعب".
وتابع شنكالي، أن "الجهات العليا المتمثلة بالسلطة القضائية عليها اصدار قرار بمنع سفر كل من رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ووزير المالية الأسبق علي علاوي ووزير المالية بالوكالة إحسان عبد الجبار والمسؤولين في وزارة المالية لحين الإنتهاء من التحقيق في ملف القضية".
وبين شنكالي، ان "مجلس النواب مطالب بالدعوة الى عقد جلسة طارئة خلال هذا الاسبوع يستدعي فيها  رئيس الوزراء والمسؤولين في وزارة المالية لكشف ملابسات سرقة 3,7 تريليون دينار عراقي من مصرف الرافدين".
بينما طالب عضو مجلس النواب ياسر الحسيني، أيضاً، بمنع سفر حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي.
وعقب ذلك، أعلنت لجنة النزاهة النيابية، اليوم الأحد، انها تستعد لعقد اجتماع استثنائي تستدعي فيه وزير المالية المعفى ووكيل الوزارة طيف سامي وخمسة مسؤولين، بشأن قضية 3.7 تريليونات.
وذكرت اللجنة، في بيان، أنها تابعت "التقارير الواردة اليها حول عملية ضياع مبلغ 3،7 تريليون دينار عراقي من حساب امانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين".
وأضافت، انها ستعقد "اجتماعًا استثنائيًا وعاجلاً، تستدعي فيه وزير المالية وكالةً، المعفى احسان عبدالجبار ووكيل وزير المالية والمدير العام لهيئة الضرائب، السابق والحالي، ومدير عام مصرف الرافدين، فضلا عن استضافة رئيس هيئة النزاهة وكافة الجهات المعنية والمسؤولة، وذلك  للتحقق من حيثيات ضياع هذا المبلغ الضخم".
وأكدت أنها "ستعلن عن نتائج الاستدعاء والاستضافة إلى الرأي العام بعد الاجتماع مباشرة، وستستمر في مراقبة كافة اجراءات التحقيق".

امنعوا سفر هؤلاء

وعلى خلفية القضية وتداعياتها، طلبت لجنة النزاهة النيابية، من الإدعاء العام منع سفر أصحاب الدرجات الخاصة في وزارة المالية بعد سرقة تريليونات الضريبة.
ووجهت اللجنة، كتاباً إلى جهاز المخابرات الوطني، وجهاز الأمن الوطني، وجهاز الادعاء العام، وهيئة النزاهة الاتحادية، طالبت فيه باتخاذ الإجراءات الوقائية والاحتراجية لمنع سفر أصحاب الدرجات الخاصة في وزارة المالية .
ودعت اللجنة، إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق (شركة الحوت الأحدب، شركة رياح بغداد، شركة القانت، شركة المبدعون، وشركة بادية المساء)، لتحريرها الصكوك وعددها (247) لصالحها وبمبلغ (3) تريليونات و(700) مليار دينار".

تورط جهات وشخصيات نافذة

وعلى صعيد متصل، كشف النائب أحمد الجبوري، اليوم الأحد، عن تورط جهات وشخصيات نافذة بفضيحة الضريبة.
وقال الجبوري، في تغريدة عبر "توتير": "قبل شهر تقريبا طالبنا القضاء والنزاهة بالتحقيق في فساد مبالغ التأمينات التي تودعها الشركات لحساب الهيئة العامة للضريبة".
وأضاف، أن "هذه الفضيحة مشترك بها جهات وشخصيات نافذة على الحكومة القادمة فتح تحقيق شفاف للوصول لكل الفاسدين الكبار وعلى الادعاء العام منع سفر المتورطين بالفساد دون استثناء".

هيئة النزاهة توضح

بدورها، أوضحت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الأحد، المُلابسات التي رافقت أنباء سرقة أكثر من (3,7) ترليونات دينار عراقي من الهيئة العامَّة للضرائب، ونشر كتابٍ لوزارة المالية معنونٍ للهيئة.
وذكرت الهيئة في بيان، أنها "وفي معرض حديثها عن الكتاب الذي تداولته بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والصادر عن وزارة الماليَّة مُعنوناً لهيئة النزاهة، أفادت بأنَّ الهيئة تؤكد أنَّ القضيَّة تمَّ التحقيق فيها، وهي الآن معروضة أمام القضاء، وهي سترافق المعلومات التي تضمَّنها كتاب وزارة الماليَّة بعد تنظيمها وفق محاضر مع الأوراق التحقيقيَّة وتودعها لدى القضاء؛ ليقوم الأخير بإصدار القرارات المناسبة بحق المقصرين".
وتابعت أنَّ "القضاء سبق أن أصدر أوامر استقدامٍ بحق مسؤولين كبار في الوزارة بشأن الثغرات التي أفضت إلى حصول هذا الخرق الكبير والتجاوز الفظيع على المال العام، لافتةّا أنَّ كتاب وزارة الماليَّة، الذي تستغرب الهيئة تسريبه لوسائل الإعلام، وصل للهيئة نهاية الدوام الرسميِّ يوم الخميس الموافق الثالث عشر من تشرين الأول الجاري، داعيا "الوزارة إلى ضرورة التحقيق بتسريب كتابها المعنون الى الهيئة".
وكانت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي نشرت كتاباً صادراً عن وزارة الماليَّة معنوناً إلى هيئة النزاهة بصدد مزاعم سرقة أماناتٍ ضريبيَّةٍ مُودعةٍ في مصرف الرافدين تبلغ (3,7) ترليونات دينارٍ عراقيٍّ.

مصرف الرافدين ينأى بنفسه

هذا ونأى مصرف الرافدين، بنفسه عن قضية سرقة مبالغ مالية من حساب الهيئة العامة للضرائب.
وذكر بيان للمصرف، أنه "تعقيبا على ما يتم تداوله بشأن سرقة مبالغ مالية من حساب الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين،  يؤكد المصرف بهذا الخصوص عدم  علاقته بأي عمليات تلاعب او سرقة  يجري الحديث عنها".
وأضاف أن "المصرف مهمته كانت قد انحصرت في صرف صكوك الهيئة العامة للضرائب من فروعه بعد التأكد من صحة صدورها بكتب رسمية بين المصرف والهيئة".
وتابع أن "ما يجري الحديث عنه في الآونة الاخيرة هو موضوع يتعلق بالهيئة العامة للضرائب وحساباتهم المصرفية". 
وأكد مصرف الرافدين، بحسب بيانه، عدم سرقة أي مبالغ مالية من فروعه ويشير إلى انه ملتزم  بالآليات المتعلقة بقانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب"، مشدد على أن "الموضوع برمته منظور من قبل القضاء وان المصرف مستمر في التعاون مع الجهات المختصة للكشف عن الحقائق". 

القضاء: التحقيق جار منذ شهرين

أعلن مجلس القضاء الأعلى، صدور مذكرات قبض بحق المشتبه بتورطهم بمبالغ الامانات الكمركية والضريبية.
وذكر بيان للقضاء، أن "محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة بتاريخ 21/8/2022 ‏ سبق وان تلقت اخبارا يتضمن وجود شبكة منظمة مرتبطة باشخاص من ذوي النفوذ ارتكبت افعال مخالفة للقانون بهدف التلاعب بمبالغ الامانات الكمركية والضريبية".
وأضاف أن "المحكمة  بتاريخ 21/8/2022 قررت ايقاف صرف هذه الامانات بموجب الكتاب المرقم 2375 المؤرخ ‏‏21/8/2022 الموجه الى مكتب وزير المالية في حينها كما اصدرت المحكمة مذكرات قبض بحق المشتبه بهم واستمعت الى عدد من الموظفين المختصين في وزارة المالية للتوصل الى الحقيقة  والتحقيق مستمر  بغية   استكمال ‏الادلة في القضية".