كتب هادي جلو مرعي:

      أجهزة التنصت كان يجري الحديث عنها منذ أول أيام حكومة الكاظمي، وقد تلمست ذلك بنفسي حين زرت وزيرا في مكتبه، وكان يتجنب الحديث معي، وينشغل برفع صوت التلفاز، ويتابع الأخبار من قناة الحدث العربية، وقد أشار الى مدير مكتبه للحديث معي، وبصراحة فلم يكن لدي أمر مهم، بل كنت في زيارة لمسؤول في الوزارة، وبينما كان الوزير تبدو عليه علامات الرعب، لم يكن المسؤول الأدنى يخشى من شيء، وكان يتحدث إلي بأريحية عالية، ويعبر عن مواقفه كما يريد.

     كنت أفكر في شائعات إنتشرت بقوة في حينه عن وجود أجهزة تنصت وضعها الكاظمي في مكاتب وزراء حكومته، وكان الوزراء تصلهم تلك الإشارات، وكانوا حذرين للغاية في تحركاتهم وتصرفاتهم وأحاديثهم، وقد إنتشرت أحاديث هذه الأيام  عن وجود مئات تلك الأجهزة في مكاتب مجلس الوزراء، و (إن حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني رفعت مئات أجهزة التنصت والكاميرات المخفية التي وضعها فريق الكاظمي للتجسس على السوداني في القصور الحكومية، وإن هذه الكاميرات والأجهزة التجسسية قد تم تنصيبها بالمكتب الحكومي قبل أسابيع من تكليف محمد شياع السوداني.

     صحة ذلك من عدمه مرهون بمايمكن للكاظمي أن يفعله وهو خارج الحكومة، ولاسلطة له على اجهزة الدولة الأمنية، وهناك مناوئون له تم إستبعادهم، وتحجيم أدوارهم في فترة حكمه، وربما يعودون للإمساك بزمام الأمور كما تم إستبعاد مسؤولين مقربين منه، وغادروا الى دول أخرى، وبالتالي يمكن لحكومة السوداني السيطرة على أي تحركات تجسسية، بينما يشير هذا الحديث الى إمكانية تواطيء حكومة الكاظمي مع دول أخرى لمرحلة مقبلة، وبالتالي فإن التجسس على وزراء الكاظمي بأمر من الكاظمي إمتد الى مرحلة السوداني، مع مايصحب ذلك من تلفيق وإضافة بعض المطيبات والبهارات لتكون الإتهامات بمستوى عال. 

كما إن طريقة الكاظمي وفريقه لاتدفع عنه تهمة التواصل مع الخارج، غير إن السؤال المهم: لماذا ترك السوداني للكاظمي حرية مغادرة بغداد وسبقه ولحقه كبار المسؤولين في المغادرة الى دول أوربية وعربية، وبالتالي لاقيمة لهذه الإتهامات لأن الكاظمي كان متهما منذ يوم تسلمه السلطة حتى في حادثة المطار، وكان فريق من السياسيين والإعلاميين والكتاب والمدونين والمحللين يكيل له الإتهام والذم، بينما كان يدفع عن نفسه كل ذلك بفرق من هولاء، وليس بفريق واحد، وهو اليوم يغادر معززا مكرما مع إمتيازات ورواتب، بينما تحولت حياة العديد من المسؤولين في عهده والمقربين منه الى حياة ناعمة يعيشون واسرهم في الخارج، ولم يتم التحقيق معهم بهذه التهم، ولامساءلتهم عن الأخطاء التي أرتكبت، أو التجاوزات، أو سوء السلوك، أو سرقة المال العام، مع إن المال العام عام، ولكل عراقي الفرصة متاحة، وماعليه إلا أن ينيم ضميره، ويفعل مايريد ببلده.