كتب الصحفي علي رياح في جريدة الصباح:

الفواصل الزمنية التي كان فيها اللاعبون يتبارون في تنفيذ الركلات الترجيحية تصدّرت المشهد في هذا المونديال وما قبله، وبات صراع الإرادات والحسم بين المنفذين وحراس المرمى موضع دراسات وتحليلات، أروعها وأعمقها البحث المستفيض الذي أنجزه جير جورديت الأستاذ في المدرسة النرويجية لعلوم الرياضة، والذي رصد ثلاثين موقعة حسمتها الركلات الترجيحية لحسم التعادل خلال بطولات كاس العالم الماضية تضمنت (279) ركلة نجح اللاعبون في إصابة الشباك خلال (196) منها أي ما يمثل نجاحاً بنسبة سبعين بالمائة تقريباً، وفي التفاصيل يشير جورديت إلى أن نسبة نجاح المهاجمين في التنفيذ كانت (76 بالمائة) ولاعبي الوسط (69 بالمائة) والمدافعين (68 بالمائة)، ويشدّد على أن نسبة نجاح التنفيذ بالقدم اليمنى كانت (71 بالمائة) فيما كانت النسبة بالقدم اليسرى (69 بالمائة)!!
سلسة من الاستنتاجات الرائعة والممتعة يتوصل إليها الباحث بعد أن رصد جميع الركلات الترجيحية التي شهدتها بطولات كاس العالم الماضية، منها أن حراس المرمى يملكون شيئاً من القدرة في التعامل مع الكرة التي يسددها اللاعب بقدمه اليمنى، فيما يواجهون كثيراً من الصعوبة في قراءة وتوقع أفكار اللاعب الأعسر!
                       
في هذا الصدد، لا بد أن استذكر هنا النجم الألماني الأسبق اندرياس بريمه بالكثير من الإعجاب، ذلك لأنه اللاعب الوحيد الذي نفذ ركلتين بقدمين مختلفتين في بطولتين متتاليتين من بطولات كأس العالم جمعاء.. في مونديال مكسيكو 1986 سدّد الركلة الترجيحية بقدمه اليسرى في مواجهة المكسيك ضمن الدور ربع النهائي وفازت المانيا (4-1).. وفي المونديال التالي في إيطاليا سدد بريمه ركلة الجزاء بقدمه اليمنى أمام الأرجنتين في نهائي كاس العالم فتوّج المانشافت باللقب.. أنا أسميها منتهى الجرأة والثقة والبراعة في مواقف ملتهبة يهرب منها كبار النجوم!
أعود إلى البحث الذي أبدعه الكاتب جورديت الذي يقول: إذا كنتَ مدرباً، لا تخشى من تكليف اللاعبين الشباب بتنفيذ الركلات الترجيحية، فلقد نجح خمسة عشر لاعباً بعمر تحت إحدى وعشرين سنة في إصابة الشباك من أصل تسعة عشر لاعباً.. أما كبر السن، فله قيمته في هذا المجال، فالبحث يقول إن (69) لاعباً بعمر الثلاثين فما فوق نجحوا في التعامل مع (52) ركلة ترجيحية أي بنسبة (79 بالمائة) أكبرهم على الإطلاق الروسي سيرجي إيغناشيفيتش الذي نجح خلال المونديال الماضي وهو ابن التاسعة والثلاثين من عمره، في التنفيذ أمام إسبانيا التي خسرت وغادرت بعدها المونديال، ثم أمام كرواتيا في ربع النهائي، لكن فريقه خسر في نتيجة الركلات!
                    
يقول النجم الإنكليزي الشهير ألن شيرر وهو واحد من أكثر اللاعبين نجاحاً في التعامل مع هذا التحدي: أطول مسافة يمكن أن أقطعها في حياتي كانت حين اتحرك من دائرة منتصف الملعب نحو منطقة الجزاء كي أنفذ ركلة ترجيحية.. أحيانا كنت أراها أربعين متراً، وأحياناً أدرك أنها الخط الفاصل بين الحياة والموت!